الحملة الوطنية للضمان الاجتماعي
الحملة الوطنية للضمان الاجتماعي: حراك فلسطيني مطالب بقانون ضمان اجتماعي عادل
إن وجود قانون ضمان اجتماعي عادل وشامل في المجتمعات هو مطلب أساسي لتوفير حياة كريمة تحفظ الكرامة والحقوق الإنسانية، إلا أن هذا الحال لم يعكسه قانون الضمان الاجتماعي الفلسطيني الذي لم يبنى على أساس العدل والمساواة بين شرائح المجتمع ولم يشمل كافة الفئات التي يجب أن يشملها، حيث استثنى القانون الأشخاص ذو الإعاقة والعاملين لحسابهم والعاملين في العمل غير الرسمي وغيرهم كما أنه لم ينصف المرأة في كثير من البنود المهمة في القانون.
في عام 2012 قررت الحكومة الفلسطينية تعيين فريق وطني ممثل من أجل اصدار قرار بقانون الضمان الاجتماعي، إلا أن هذا الفريق لم يمثل كافة الفئات المجتمعية الواجب تمثيلها في الحوار حول قانون الضمان الاجتماعي.
قدم فريق الباحثين في مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية وعدد من النشطاء والنقابيين رصد لقانون الضمان الاجتماعي ودراسة كيفية صياغة القانون وبنوده. ولجعل البحث واقعي، شارك فريق من المرصد في دراسة حول وضع القانون الضمان الاجتماعي في الأردن من خلال بحث ميداني. بناءً على هذه الدراسة ومع المعطيات المقدمة من مسودة قانون الضمان الاجتماعي الفلسطيني ومن القانون الأردني تم كتابة عدد من أوراق الموقف والسياسات والبحوث حول قانون الضمان الاجتماعي مع تقديم ملاحظات جدية لتعديله. ولتسهيل العمل قام المرصد بتطوير مواد بصرية موضحة المقارنات والملاحظات الموجودة في القانون. كانت من أول المواد الذي قام المرصد بنشرها هي مخطط بياني للمعلومات (Infographic) موضحة نسب الاشتراكات بين العامل وأرباب العمل بمقارنة النسب في قانون الضمان الاجتماعي وبين البلدان العربية وغيرها.
كذلك قدم فريق المرصد العديد من الملاحظات حول قانون الضمان الاجتماعي وأمام بعض أعضاء الفريق الوطني ولكن تم تجاهل هذه الملاحظات وتسليم المسودة إلى مجلس الوزراء الفلسطيني في تشرين الأول 2015. ومن الجدير ذكره بأن المسودة الأخيرة التي خرج بها الفريق الوطني لم تتم مشاركتها مع جميع أعضاء الفريق، وتمت مشاركة فقط ورقة النسب بين العامل وأصحاب العمل ووقعت من اتحادين نقابيين، والتي وقعت رسمياً من الحكومة الفلسطينية وممثلي القطاع الخاص وممثلي منظمة العمل الدولية في فلسطين. في غضون هذه الفترة لم يجتمع الفريق الوطني سوى أربعة مرات. لم يتم أخد الملاحظات بعين الاعتبار على الرغم من الملاحظات الجدية إلا أن مجلس الوزراء صادق على القرار بقانون بشأن الضمان الاجتماعي في 16 شباط 2016 ومن ثم وقع الرئيس على المسودة الأخيرة في 7 آذار 2016. بهذا الخصوص تم الاتفاق بين النقابات العمالية والمؤسسات والنشطاء القانونيين والاجتماعيين على توحيد رؤية ومناقشة الإجراءات الممكنة، وخصوصاً بعد توقيع الرئيس محمود عباس على المسودة الأخيرة للقانون.
اجتمعت كل من الكتل النقابية والمؤسساتية والأفراد الساعون لتعديل قانون الضمان الاجتماعي بشكله الحالي على تشكيل جسم واحد له رؤية وهدف واحد وهو تعديل القانون، ومن هنا انطلقت فكرة تشكيل الحملة الوطنية للضمان الاجتماعي. بعد مراجعة مسودة القانون المتفق عليها من مجلس الوزراء ونسخة القرار بقانون التي وقعها الرئيس، وجد الفريق البحثي في الحملة الوطنية للضمان الاجتماعي أن الكثير من مواد القانون تم تغييرها. وكانت من أهم الملاحظات التي تم تعديلها بين المسودة الأولى والأخيرة هي أن الحكومة لم تعد الضامن لأموال المساهمين في المسودة الأخيرة التي وقعها الرئيس.
عملت الحملة على حشد كل المناصرين/ات لمطالب تعديل القانون، حيث عقدت ورشات متعددة في قطاعات مختلفة لتحفيز الأفراد والمؤسسات النزول للشارع والمطالبة بتعديل القانون، وهذا ما كان واضحاً في اعتصام 19 نيسان 2016، حيث شارك ما يقارب العشرة الآلاف شخص في الاعتصام الحاشد الذي كان أمام مجلس الوزراء، حيث نادى المعتصمون بمطالب الحملة وتوحدت الجهود على أن هذا القانون لم يبنى على أساس العدالة والمساواة وأنه استنثى الكثير من شرائح المجتمع أهمها الأشخاص ذو الإعاقة والعاملين في القطاع غير الرسمي. والاعتصام الثاني كان بتاريخ 10 أيار 2016، كانت أهم مطالبه: ضمانة الدولة لقانون الضمان ولأموال المساهمين، وتعديل نسب المساهمات غير العادلة بين العاملين وأصحاب العمل، واحتساب راتب الوفاة الطبيعية (أن يكون من بداية الالتحاق بالضمان)، ورفع معامل احتساب الراتب التقاعدي، والاستفادة من إجازات الأمومة من لحظة الاشتراك وليس بعد 6 شهور. خرجت الاعتصامات بتعديل القانون وفقاً لمطالب الحملة.
جرى تعديل القانون وفقاً لغالبية مطالب الحملة الوطنية للضمان الاجتماعي، وتم تشكيل مؤسسة الضمان الاجتماعي، وباقتراب موعد تطبيق القانون تم تنظيم حملة مضادة من قبل القطاع الخاص تجاه قرار بقانون بشأن الضمان الاجتماعي والتعديلات عليه، وذلك عام 2018، الأمر الذي أدى إلى تجميد العمل بالقانون.
أكدت الحملة الوطنية للضمان الاجتماعي أنها مستمرة في الدفاع عن حقوق ومصالح العمال والعاملات، الموظفين والموظفات، وأن مسيرتها مستمرة نحو تعديل وتفعيل قانون عادل للضمان الاجتماعي.