نظمت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان “ديوان المظالم”، ومرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية (المرصد)، جلسة خاصة لمناقشة مسودة دراسة بعنوان (التأمين الصحي الخاص في فلسطين)، والتي تم إعدادها من قبل الهيئة ومرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية ضمن مشروع نحو تأمين صحي عادل وشامل، وذلك مقر الهيئة بحضور ممثلين عن شركات التأمين وهيئة سوق رأس المال ومؤسسات أهلية حقوقية وصحية وخبراء في الصحة.
وأضح إياد رياحي الباحث المؤسس في المرصد أن هذه الدراسة قد بينت أن وزارة الصحة لا ترى أن لها أي دور رقابي على هذا النشاط، أو على شركات التأمين العاملة فيه، فيما تنظر شركات التأمين للتأمين الصحي على أنه تأمين مُستهلِك وتكلفته مرتفعة، إلا أنه تأمين جاذب للتأمينات الأخرى مثل تأمينات الحريق والمباني وتأمينات إصابات العمال وغيرها، علاوة على أن المنافسة المفتوحة بين شركات التأمين، وغياب ضوابط ناظمة لأسعار التأمين الصحي الخاص، أدت إلى وجود نوع من الفوضى في تحديد الأسعار وفي طبيعة الخدمات والتغطيات التي تقدمها شركات التأمين، وزاد من حدة التفاوتات بين المستفيدين والمستفيدات، وارتفاع تكاليف التأمين الصحي على طرفي التأمين، وأدى إلى زيادة حالات الاستغلال.
وأكدت الأستاذة خديجة زهران مديرة دائرة السياسات والتشريعات الوطنية في الهيئة، أن دراسة التأمين الصحي في فلسطين تأتي ضمن الحملة التي تنظمها الهيئة المستقلة والمرصد حول الحق في تأمين صحي شامل وعادل، حيث برزت الحاجة لمثل هذه الدراسة التي سبقها التحقيق الوطني الذي نفذته الهيئة بشأن التأمين الصحي، نحو تأمين صحي شامل وعادل، والذي ستتبعه دراسة اكتوارية حول التأمين الصحي، خاصة في الوقت الذي لم تتجاوز نسبة من يحملون تأمين صحي خاص من اجمالي المواطنين الذين يحملون أي نوع من أنواع التأمين الصحي (حكومي، خاص، وكالة غوث، خلافه) الـ 2.6% فقط.
واستعرض المحامي معن دعيس الباحث القانوني في الهيئة أبرز محاور الدراسة وأهم استنتاجاتها، لاسيما تلك التي نتجت عن الاستمارة التي عممتها على عدد من حاملي التأمين الخاص في المؤسسات المختلفة، والإشارة إلى أنه على الرغم من تشجيع وتحفيز المجتمع الدولي لحركة رأس المال وإزالة العوائق التي تعوق عمل المؤسسات الوطنية، أو عبر الوطنية العاملة في ذلك، إلا أنه لم يشأ ان يترك هذه المؤسسات دون حسيب أو رقيب. ففي العام 2003، وضعت لجنة الأمم المتحدة الفرعية لتعزيز وحماية حقوق الانسان قواعد خاصة بمسؤوليات الشركات عبر الوطنية وغيرها من مؤسسات الاعمال، كشركات التأمين، عن إعمال حقوق الإنسان ومنها حقه في الصحة، تلتها في العام 2011 مبادئ توجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان: تنفيذ إطار الأمم المتحدة المعنون “الحماية والاحترام والانتصافية“.
وكذلك فإن هناك أساس قانوني ينيط بهيئة سوق رأس المال مهمة الرقابة على قطاع التأمين الصحي، وأكثر من حكم قانوني ينيط بوزارة الصحة العمل على إعمال الحق في الصحة والرقابة عليه؛ لكن لم يصدر عن أي من هاتين المؤسستين أو عن مجلس الوزراء أية لوائح أو أنظمة أو تعليمات أو ضوابط مكتوبة تنظم عمل التأمين الصحي الخاص والرقابة الفنية عليه. وانحصر الدور الرقابي الذي تقوم به هيئة سوق رأس المال في هذا الشأن على مراجعة اتفاقيات التأمين الصحي التي تعقدها شركات التأمين، من ناحية عدم وجود مخالفات في هذه الاتفاقيات للإطار القانوني العام النافذ، وتترك بعد ذلك الاتفاق بين المؤمن في التأمين الصحي والمؤمن له ليخضع للأحكام العامة للقانون المدني.
وأوصت الدراسة بضرورة معالجة جميع القضايا ذات العلاقة بالتأمين الخاص ضمن المعالجة الشاملة التي ستتم لمنظومة التأمين الصحي الوطني الشامل الذي من شانه أن يوفر تغطية صحية شاملة لكل المواطنين بعدالة ومساواة ومراعاة للحق في الصحة بكل مشتملاته. وضرورة دمج برامج التأمين المتاحة لتجميع المخاطر من خلال إنشاء نظام تأمين صحي وطني، الذي من شأنه أن يتضمن تحولاً على مستوى السياسة الصحية، من خلال إعادة تنظيم العلاقة ما بين القطاع العام والخاص للموازنة بين عنصري الجودة والسعر. وضرورة قيام وزارة الصحة بدورها الرقابي على قطاع التأمين الصحي التجاري باعتبارها المكلفة رسميا بإعمال الحق في الصحة. وضرورة التزام شركات التأمين فيما تقدمه من خدمات تأمين صحي بمبدأ المنافسة الحرة والعادلة والشفافة والمفتوحة وعدم الدخول في اتفاقات مع شركات تأمين أخرى تعمل على تحديد الأسعار أو تقسيم مجالات النشاط التأميني الصحي أو تخلق حالة من الاحتكار، وكذلك التزامها بالمبادئ التوجيهية لحقوق الانسان والشركات عبر الوطنية ومؤسسات الأعمال الوطنية المختلفة لعام 2011. وسيتم الأخذ بملاحظات المشاركين وتضمينها في الدراسة النهائية.